الإمارات العربية المتحدة واحدة من أكثر الدول تعميراً وتوسعاً وسرعةً في البناء والتطوير العقاري، وتعد إمارة دبي إحدى الإمارات السبع الأكثر تطوراً في هذا المجال، مما جعل المنظومة العقارية بالإمارة أكثر ترابطاً وخاصة بعد وضع قوانين وتعليمات عقارية صارمة تتعلق بالمطورين والمستثمرين والوسطاء وذلك لحماية التطوير العقاري الكبير بالإمارة
ونظراً لهذا التطور الهائل في المجال العقاري، وجدت بعض العقبات التي تواجه بعض مشتري العقارات بدبي ومن بينها التأخير في إنجاز المشاريع من بعض المطورين العقاريين، الأمر الذي جعل بعض المستثمرين والمشتريين في قلق مستمر مما أدى بهم إلى اللجوء للحماية القضائية لطلب فسخ العقد والتعويض عن التأخير والمطالبة برد المبالغ المسددة مسبقاً للمطورين.
واتجاه القضاء بدبي في هذا الشأن له ثلاثة أوجه
الوجه الأول: إن كانت حالة المشروع فعالة ونسبة الإنجاز في المشروع تتجاوز 70 بالمئة
الوجه الثاني: إن كانت حالة المشروع غير فعالة ونسبة الإنجاز في المشروع ضئيلة الوجه الثالث: إن كانت حالة المشروع ملغية
ونعرض في هذا البحث موقف قضاء التمييز بدبي بشأن الوجه الأول المتمثل في حال كانت نسبة المشروع تتجاوز 70% والمشروع فعال، فهل يتجه القضاء لفسخ العقد من عدمه – ونعرض ذلك وفقاً لما يلي
حيث إنه أستقر قضاء تمييز دبي على أنه ” عملاً بمبدأ حسن النية المنصوص في المادة 246 من قانون المعاملات المدنية – انه لا يجوز لأي من المتعاقدين في العقود الملزمة للجانبين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه أو يطلب فسخ العقد إذ أوفى المتعاقد الأخر بالتزامه المقابل أو في جانب كبير منه بحيث يصبح ما لم ينفذ ضئيلاً لدرجة لا تبرر للمتعاقد الممتنع عن تنفيذ التزامه أن يتخذ ذلك الموقف لأنه بذلك يفتقد إلى حسن النية ويكون متعسفاً في استعمال حقه. وأن مقتضى نص المادة 272 من قانون المعاملات المدنية – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الايضاحية لهذا القانون أن القاضي لا يجبر على إجابة الدائن إلى طلبه بفسخ العقد في حال تخلف المدين في الوفاء بالتزامه بل يجوز للقاضي أن ينظر المدين إلى ميسرة إن طلب النظرة وأن القاضي لا يحكم بالفسخ الا بتوافر ثلاثة شروط هي – أولاً: أن يظل تنفيذ العقد ممكناً – ثانياً: أن يطلب الدائن فسخ العقد دون تنفيذه – ثالثاً: أن يبقى المدين على تخلفه، فيكون من ذلك مبرراً القضاء بالفسخ. ومن المقرر أن التأخير في الوقت في تنفيذ العقد الذي يعطي الحق لأحد المتعاقدين في طلب فسخ العقد من عدمه هو مما تستخلصه محكمة الموضوع بما لها سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها متى كان استخلاصها سائغاً وإن لها مطلق السلطة في تقدير الأدلة وبحث المستندات المقدمة إليها”
حكم محكمة تمييز دبي الصادر بتاريخ 27-04-2014 في الطعن رقم 216 لسنة 2013 عقاري
جاء حكم التمييز أعلاه مؤيداً لحكمي أول درجة والاستئناف والمقضي فيهما برفض دعوى المشتري بطلب فسخ عقد البيع والشراء تأسيساً على تأخير مطور المشروع في تسليم الوحدة العقارية، ونص بمضمون حكم الاستئناف على أن ” الثابت من مستندات الدعوى ومنها تقرير الخبير المنتدب أن نسبة الإنجاز في المبنى 75% والأعمال تتقدم بالمشروع، والبين من اتفاقية البيع والشراء أحقية البائع (المطور) في تمديد مهلة الانجاز لمدة 12 شهر أخرى من تاريخ الإنجاز المتفق عليه، مما يكون معه التأخير في تسلم الوحدة مبرراً ولا يجوز فسخ العقد طالماً أن العمل قائماً في المشروع ويتقدم بنسب معقولة وأن المتبقي في الانتهاء من المشروع يعد ضئيلاً، مما لا يبرر القضاء بفسخ العقد ورد المبالغ المطالب بها
والثابت من المقرر بقضاء دبي أنه يرفض المطالبة بفسخ عقد البيع والشراء في حالة تأخر مطور المشروع بالإنجاز، وذلك متوقف على عدة عوامل ومنها أن يبرر المطور (البائع) مسألة التأخير وهل قام بإبلاغ المشتري بالتأخير من عدمه، وأيضاً أن يكون المطور حسن النية بشأن الاستمرار في تنفيذ المشروع والانتهاء منه بأقرب وقت ممكن، وأيضاً أن يكون المتبقي في تنفيذ المشروع ضئيلاً أي أن يكون المنجز بالمشروع نسبة عالية تتجاوز 70 بالمئة
والتفسير السابق ذكره يوضح أن الاتجاه القضائي برفض طلب الفسخ هو في حقيقته حماية للتطوير العقاري بالإمارة وذلك حتى لا يثقل كاهل المطورين وخاصة وانهم ثبتوا حسن نيتهم بأنهم مستمرين في الانتهاء من تنفيذ المشروع
وبعد عرض الوجه الأول في البحث الماثل فنترك الوجه الثاني والثالث في البحث التالي والذي يتم عرضه لاحقاً