عرض العمل
هو إعلان نية ورغبة صاحب العمل في تعيين العامل للعمل لديه بشروط ومميزات تحدد بشكل أساسي في عرض العمل الذي يقوم بإرساله او تسليمه للعامل، وهذا العرض غالباً يكون مكتوباً وذلك لسهولة إثبات محتواه، كما يجب ان يكون شاملاً للبنود الرئيسية للتعاقد على العمل مثل طبيعة العمل والراتب والمميزات والمستحقات العمالية الأخرى وخلافه، وتترك التفاصيل للنقاش والاتفاق عليها في عقد العمل الذي سيبرم بين الطرفين في المرحلة التالية.
شكل عرض العمل
قد يكون عرض العمل في شكل رسالة على ورق مروس للشركة او لصاحب العمل ومذيلة بتوقيع وختم الشركة، وهذه الرسالة قد ترسل للعامل بالبريد العادي او تسلم إليه باليد او بالبريد الالكتروني او الفاكس او بأحد وسائل التواصل الاجتماعي مثل (الواتس اب او الفيس بوك…….) او قد تكون في شكل رسالة بريد إلكتروني صادرة من البريد الاليكتروني الرسمي لرب العمل وموقعة بتوقيع إلكتروني للشركة او لاحد العاملين فيها والمسئولين علن التوظيف بالشركة كالمدير العام او مدير شئون الموظفين، او أي شخص تكون له مهمة اختيار الموظفين وتعيينهم، وكل هذه الوسائل الحديثة معتبرة قانوناً في الإثبات
الزامية عرض العمل للطرفين
عرض العمل الصادر من صاحب العمل إلى العامل هو إيجاب صادر من صاحب العمل متضمنا ما جاء به ينتظر القبول من العامل، فإذا عدل العامل على عرض العمل اعتبر ذلك إيجاب جديد من العامل ينتظر القبول من صاحب العمل طبقا للقواعد العامة في العقود، وإذا وافق العامل على ما جاء به انعقد العقد وبقيت التفاصيل يحكمها الاتفاق الوارد بعقد العمل
عقد العمل ينسخ عرض العمل
من المعروف في العقود ان اللاحق ينسخ السابق وعلى ذلك إذا اتفق الطرفان في عقد العمل على شروط وأحكام تختلف او تتعارض مع عرض العمل فإن الذي يسود بين الطرفين هو عقد العمل كونه لاحق على عرض العمل وناسخ له، وهذا ما استقرت عليه أحكام محاكم دبي من حيث أن ما يتفق عليه في عقد العمل يكون هو المعول عليه في تحديد حقوق والتزامات كل من صاحب العمل والعامل وذلك دون غيره مما يكون واردا في عرض العمل السابق إذ يعتبر ما ورد فيه منسوخا ضمنا بعقد العمل اللاحق على هذا العرض وأن العقد اللاحق ينسخ العقد السابق فيما كان ينص عليه من شروط مخالفة متى كان العقد الجديد (اللاحق) قد أعاد تنظيم العلاقة بين الطرفين وذلك اعتبارا بأن إعادة تنظيم العلاقة بينهما من جديد بموجب العقد اللاحق يدل على أنهما قد قصدا استبعاد ما كان منصوصا عليه في العقد السابق من شروط مخالفة. (حكم محكمة تمييز دبي رقم 182 لسنة 2016 طعن عمالي الصادر بتاريخ 10/01/2017)
وفى حالة سكوت عقد العمل عن بعض ما تم الاتفاق عليه في عرض العمل فإنه يصار اليها ويؤخذ بما ورد بعرض العمل في هذا الخصوص الا إذا تمت الإشارة في عقد العمل صراحة الى إلغاء ما تم الاتفاق عليه سابقا بين الطرفين بالكامل
عرض العمل لا يعني بذاته بداية علاقة العمل
عرض العمل لا يعني ان علاقة العمل قد بدأت إلا إذا كان هناك دليل على بدئها فعلاً، فعرض العمل المقصود به وهو عرض فرصة عمل من رب العمل للعامل وليس بدء العمل فعليا، ويجب على من يتمسك بان علاقة العمل قد بدأت ان يثبت ذلك بكافة طرق الاثبات. وهذا ما استقرت عليه أحكام القضاء في دبي حيث ورد بأحد الأحكام (ان عرض العمل بمجرده لا يفيد بدء علاقة العمل بين العامل والمنشأة التي عرضت عليه العمل متى خلت الأوراق مما يتضمن أن هذا العرض قد وضع موضع التنفيذ فعلاً ويقع على الطرف المتمسك ببدء علاقة العمل عبء الإثبات في هذا الخصوص.) (حكم محكمة تمييز دبي رقم 109 لسنة 2009 طعن عمالي الصادر بتاريخ 26/01/2010)
المسئولية القانونية الناتجة عن عدم الالتزام بعرض العمل
إذا لم يلتزم العامل او صاحب العمل بتنفيذ عرض العمل بعد قبوله وصيرورته عقدا ملزما بينهما طبقا للقواعد العامة في العقود، كأن يمتنع العامل عن الالتحاق بالعمل لدى رب العمل او يتنصل صاحب العمل من الحاق العامل بالعمل لديه، فإنه يترتب على ذلك التزام الطرف المخل بتعويض الطرف الآخر عما يكون قد لحقه من ضرر أو فاته من كسب نتيجة لذلك
حيث ان في قبول العامل لعرض العمل من صاحب العمل التزام على صاحب العمل بإلحاق العامل بالعمل لديه طبقا لعرض العمل وطبقا لمبدأ تنفيذ العقود بحسن نية، حيث انه من المقرر في أحكام القضاء أن العقد قانون المتعاقدين وإذ توافرت أركانه فإنه يقع صحيحاً ويترتب عليه آثاره القانونية التي اتجهت إليها إرادة المتعاقدين ووفقاً للمادة 246 من قانون المعاملات المدنية ويجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن تنفيذ الالتزامات التي أنشأها العقد تتم وفقاً لطبيعة التصرف ومقتضيات تنفيذه بحسن نية. (حكم محكمة تمييز دبي الصادر بتاريخ 09-03-2017 في الطعن رقم 2017 / 6 طعن مدني)
فإذا أخل صاحب العمل بذلك فإنه يترتب عليه ضرر للعامل حيث انه قد يستقيل من عمله الذي يعمل فيه عند تلقيه عرض العمل بعد قبوله لهذا العرض، بما يترتب عليه من خسارة دخله، حيث أصبح لا يستطيع العودة الى عمله الذي تركه فضلا عن ان صاحب العمل الجديد قد أخل بالتزامه بإلحاقه بالعمل لديه
كما قد يأتي العامل من خارج الدولة بناء على عرض العمل ثم لا يجد العمل الذي وعده به صاحب العمل الامر الذي يترتب عليه خسارة محققة للعامل كتركه لعمله السابق وتكبده نفقات ومشقة السفر الى مكان العمل الجديد، ويجب مراعاة كل ذلك في تقدير التعويض الجابر للضرر
من ناحية أخرى فإذا امتنع العامل عن الالتحاق بالعمل لدي صاحب العمل طبقا للمتفق عليه بعرض العمل فقد يترتب على ذلك خسارة لرب العمل، كأن يكون رب العمل ملتزم بمشروع معين او تعاقد مع الغير على تقديم خدمة معينة او منتج معين ويتوقف تنفيذه لالتزامه على التحاق العامل بالعمل لديه فإذا ترتب على ذلك خسارة محققة او فوات ربح فإن ذلك يجب ان يؤخذ في الاعتبار عن تقدير التعويض
وقد استقرت احكام محكمة تمييز دبي على أن التعويض في المسئولية العقدية إن لم يقدر بنص في القانون أو في العقد تولى القاضي تقديره على أن يشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، ولا يوجد في القانون ما يمنع من أن يحسب- في الكسب الفائت- ما كان المضرور يأمل الحصول عليه ما دام لهذا الأمل أسباب معقولة ذلك إنه إذا كانت الفرصة أمرا محتملا فإن تفويتها أمر محقق يجب التعويض عنه. (حكم محكمة تمييز دبي الصادر بتاريخ 21-01-2018 في الطعن رقم 2017 / 855 طعن تجاري)